بقلم رشيد السلاّمي فيفري 5, 2021, 3:47 مآخر تعديل في جويلية 24, 2021, 8:20 ص
الهيئة المديرة للرشيدية
سبق أن رأينا في الحلقة السّابقة أن إنجازا للرّشيديّة غير مسبوق تحقّق في سنة 1954 وتمثّل في نشر 17 اسطوانة ضمّت أوّل مدوّنة للنّوبات التّونسيّة بالاشتراك مع مؤسّسة التّلفزة والإذاعة الفرنسيّة، وقد بقي أن نعرف من كان وراء هذا العمل ومن أعدّ له وأنجزه تقنيّا فهذه الاسطوانات لا تحمل أيّة إشارة لتاريخ نشرها ولا غيرها من المعلومات التي تفيدنا عن المشاركين في تسجيلها أو المسؤولين تقنيّا عنها.من الأكيد أنّها تمّت في فترة رئاسة مصطفى الكعّاك، وهو الذي تولّى مفاوضة الإذاعة الفرنسيّة في المشروع وأمضى وثائقه الإداريّة ومراسلاته، ومن المسلّم به أنّ صالح المهدي كانت له إدارة الرّشيديّة الفنّية، أمّا التّسجيل في حدّ ذاته فالمتّفق عليه أن خميّس التّرنان هو من أشرف على التّحفيظ ، وأمّا نقطة الخلاف فتتعلّق بمن سيّر الفرقة وقادها أثناء التّسجيل:الرّواية الأولى لصالح المهدي جاء في مذكراته : « ... وفي سنة 1954 أنجزتُ تسجيل أثنتى عشر [كذا] نوبة من المالوف للإذاعة الفرنسيّة مدّة سبعة عشر يوما من شهر رمضان المعظّم وُزِّعت على مختلف إذاعات العالم وبُثَّتْ منها ». (المهدي، 38 )والرّواية الثّانيّة لمحمّد بوذينة جاء في كتابه عن محمّد التّريكي: « ... وفي عام 1954 أنجزت فرقة الرّشيديّة بقيادة الموسيقار محمد التّريكي أهمّ تسجيل لها للإذاعة الفرنسيّة اشتمل على اثنتي عشرة نوبة من المالوف في فترة لم تتجاوز خمسة عشر يوما ». (بوذينة، 61)والرّوايتان لا تتفقان مع ما تثبته جذاذات الحضور والتي نتبيّن منها أن حصص التّمارين والتّسجيل امتدت على أربعة أشهر من يوم 10مارس 1954 إلى يوم الخميس 8 جويليّة من نفس السّنة وأنّ شهر رمضان بدأ في 5 ماي وانتهى في غرّة جوان ولم تنجز فيه سوى أربع حصص تسجيل وتعطّل النّشاط في العشرة الأوائل من شهر جوان بمناسبة عيد الفطر1.واقتضى تسجيل النّوبات سبعة وعشرين حصّة تمارين بمعدّل حصّتين لكلّ نوبة وواحدا وعشرين حصّة تسجيل شارك فيه خمسة وعشرون نفرا من أبرز الموسيقيين آنذاك وقد بدا لنا أن التسجيل جماعي ولا يمكن أن يتم في زمن وجيز مثل ذلك إلا إذا أنجزه هؤلاء الموسيقيون المتمرسون انطلاقا من نصّ مكتوب يجمعهم فى رواية واحدة ولنتذكّر أنّ المالوف وصل إليهم عن طريق الرّواية الشّفويّة.وفي الحلقة الثالثة ستجيبنا وثائق أرشيف الرشيدية عن بعض من تساؤلاتنا.